مراسلون

“العقد الإلكتروني” لتنظيم سوق كراء السكنات بالجزائر

على الرغم من التحديات التي تواجهها السياسة الاجتماعية في مجال الإسكان، من خلال توفير الصيغ الأنسب لمختلف الشرائح، واستفادة جزائريين في الآونة الأخيرة من مشاريع ضخمة وفي فترة وجيزة، إلا أن النمو السكاني السريع في الجزائر، لم يحل المشكل وأبقى الطلب على استئجار الشقق كإحدى الفرص المربحة التي يجدها مستثمرو العقار وأصحاب وكالات الكراء في ظل تزايد الزبائن.
وأكد بعض الموثقين، أن أكثر التعاملات تتعلق بسوق الكراء سواء الشقق والفيلات أم المحلات، موضحين أن رقمنة التوثيق مستقبلا ستمكن من إحصاء الجزائريين الذين يعيشون تحت وطأة الاستئجار.
وقد خلقت الطفرة الديموغرافية خاصة في المدن الجزائرية الكبرى كالعاصمة، والتوسع الحضري السريع، وضعا معقدا من خلال زيادة الطلب على الإيجار، ورفع أسعار هذا الأخير، واستغلال الوضع الاجتماعي لفئات أكثر هشاشة، لاسيما تلك الفئات التي لم تستفد لا من سكنات اجتماعية، ولا من سكنات البيع بالإيجار ولا التساهمي، لأن وضعها الاجتماعي لم يتح لها فرص التسجيل في هذه الصيغ.
والغريب، بحسب رئيس الغرفة الوطنية للموثقين، رمضان بوقفة، أن بعض المواطنين رغم استفادتهم من سكنات التي وزعت لمختلف الصيغ، إلا أنهم متمسكون بالاستئجار، والبقاء في أحياء حضرية، أو راقية، وفي مناطق داخل المدن الكبرى، أو القريبة من مقرات عملهم، وهذا ما أبقى أسعار سوق الكراء مرتفعة.
وتأسف المتحدث، لعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة حول سوق الكراء في الجزائر، متوقعا تحقيق مشروع العقد الإلكتروني عند الموثقين في الآجال القريبة، حيث يصبح التعامل الرقمي في تسجيل عقود الكراء أحد الطرق التي تمنح هذه التعاملات الكثير من الوضوح، والحماية القانونية، وأيضا المساهمة في دراسة ظاهرة الاستئجار في الجزائر.
وحول نفس الموضوع، قال الموثق عادل فارس، صاحب مكتب بباش جراح، ومستشار لدى الغرفة الجهوية للموثقين، لـ”الشروق”، إن الإيجار مشكل كبير في حياة الجزائريين، وإن أغلب الذين يستأجرون شققا يختلفون في الأخير مع أصحاب هذه السكنات، حيث لا توجد آليات حماية كافية للطرفين، لاسيما ما يتعلق بدفع مستحقات الكهرباء والماء بعد انتهاء مدة الكراء المتفق عليها.
وأفاد بأن نسبة 40 بالمائة من الملفات التي يعالجها الموثقين في مكاتبهم، وخاصة في المدن الكبرى مثل العاصمة تتعلق بالإيجار.

الإيجار المفتوح.. الفرصة التي يلعب عليها صاحب العقار
النمو الديمغرافي للسكان، وزيادة الكثافة السكانية في المدن الكبرى، ألهب أسعار الكراء، التي لا تقل عن 2 مليون سنتيم لشقة من غرفة واحدة في أحياء شعبية، بينما في الأحياء الراقية تبقى أسعار مثل هذه الشقق فوق 3 ملايين سنتيم بالعاصمة.
ويرى بأن الفرص الكبيرة في اختيار زبائن الكراء، أدى بأصحاب السكنات إلى الضغط على المواطنين الذين هم في حاجة إلى استئجار سكن، وذلك من خلال العقود التي يكون فيها دائما المدة المفتوحة لمدة الكراء، أو بشكل أوضح، من خلال ترك المدة غير قابلة للتجديد، حيث قال الأستاذ عادل فارس، إن بعض الذين يستأجرون سكناتهم يرفعون سعر الإيجار في كل مرة يرغب فيها الزبون في تجديد العقد، وهذه تعتبر ورقة ضغط يستعملها صاحب الشقة.
ودعا ذات المتحدث إلى مزيد من الحماية القانونية في مجال الكراء، مشيرا إلى أن الخلاف بين الأطراف يتعلق دائما بفاتورتي الكهرباء والغاز والماء، وهي مشاكل لا يتدخل فيها الموثق الذي عليه فقط أن يسجل عقد الكراء لحماية الطرفين.
واقترح بعض الموثقين، الذين تحدثت إليهم “الشروق”، بناء المزيد من السكنات، وتشييد البناءات الشاهقة، واستغلال مناطق حضرية، متوقعين أن النمو الديموغرافي المتزايد لن يحل مشكل الكراء إلا في وجود تحديات عظيمة، وسياسات تتعلق بجميع جوانب الحياة، لأن في اغلب التوقعات سيظل الطلب على المساكن المستأجرة قويا، لاسيما أن الضغط على الوعاء العقاري في كبريات المدن مرتفع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى