مراسلون

نواب حزب سانشيز يتواطؤون مع النظام المغربي

عاد النظام المغربي إلى عادته القديمة لممارسة الفساد السياسي عبر الضغط على المؤسسات الأوروبية من أجل تفادي إدانة سلوكاته المنافية لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية. وبعدما فشل في تجنب إدانة النواب الأوروبيين في 19 جانفي 2019 على خلفية خنق حرية التعبير وسجن الصحافيين خارج القانون، تمكن هذه المرة من استثناء الإشارة إلى النظام المغربي في التقرير السنوي حول حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي في 28 فبراير الأخير.
وقرن مشروع القرار الذي أعده البرلمان الأوروبي بين وضع حقوق الإنسان المتدهورة في كل من فلسطين والصحراء الغربية، غير أن النظام المغربي قام بمناورة مع كتلة الاشتراكيين الإسبان في البرلمان الأوروبي، الذين ينتمون للحزب الاشتراكي، الذي يقوده رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، ما أفضى إلى التصويت المنفصل بين المقترحين، ليتم بعدها دعم قرار إدانة الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني فقط.
ولا تزال قضية “موروكو غايت”، أو فضيحة الفساد السياسي التي تورط فيها النظام المغربي بشراء ذمم بعض النواب الأوروبيين بالمال مقابل السكوت عن فضائح المملكة العلوية، لا تزال هذه الفضيحة قيد التحقيق، فقد سجن برلمانيون، مثل الإيطالي، بيار أنطونيو بانزيري، ونائب رئيس البرلمان، اليونانية إيفا كايلي، والبلجيكي مارك تارابيلا، والنائب الإيطالي الآخر، أندريا كوزوليني، ضبطوا متلبسين بتلقيهم أموالا من قبل الدبلوماسي المغربي، عبد الرحيم عثمون، المطلوب للعدالة البلجيكية، ومع ذلك لم يلبث النظام المغربي أن عاد إلى عادته القديمة.
وتطرقت الصحيفة الإسبانية “إل كونفيدونسيال” إلى هذه الفضيحة الجديدة في عددها الصادر الجمعة الفاتح من مارس 2024، وقالت إن الفضل في تحقيق هذا الهدف يعود للمجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، وبالأخص عضو البرلمان الأوروبي الإسباني ناتشو سانشيز أمور، منسق اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان والمسؤول عن كتابة وتقديم التقرير السنوي.
ووفق ما كتبه الصحفي الإسباني “إغناسيو سامبرير”، فإنه وعشية التصويت على المشروع، “تلقى العشرات، وربما المئات، من أعضاء البرلمان الأوروبي، رسائل متطابقة عبر البريد الإلكتروني الخاصة بهم من السفراء المغربيين المعتمدين لدى بلدانهم، وحثوهم على رفض التعديل الذي قدمه اثنان من أعضاء البرلمان الأوروبي الإسبان، وهما ميغيل أوربان (مناهضي الرأسمالية) ومانو بينيدا (إزكويردا يونيدا) نيابة عن مجموعتيهم، وكلاهما مرتبط بالمجموعة الكونفدرالية لليسار الأوروبي المتحد، والمعروفة باسم اليسار.
ويدعو هذا المشروع البرلمان الأوروبي “إيلاء اهتمام خاص لحالة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني، بما في ذلك حالات الاحتلال الذي طال أمده ، مثل فلسطين والصحراء الغربية”، وهي الفقرة التي أقضّت مضاجع النظام المغربي، الذي سارع عبر لوبياته المرتبطة بالصهيونية العالمية من أجل الضغط لإسقاط إدانة وضع حقوق الإنسان المتردي في الصحراء الغربية.
وكتب سفير المملكة المغربية في الدنمارك إلى أعضاء البرلمان الأوروبي من الديمقراطيين الاشتراكيين رسالة عبر البريد الإلكتروني، كل على حدة، جاء فيها: “أود أن أعرب عن ثقتي الراسخة في أنك تدعو إلى منظور متوازن، وتعارض هذا التعديل الذي لا أساس له، والذي من شأنه أن يضر أكثر مما ينفع، في حين تقوم مؤسسات الاتحاد الأوروبي والمغرب بتطوير جهود جوهرية لتعزيز الثقة والتفاهم المتبادلين”، وهي الرسالة ذاتها التي وجهها سفراء آخرون إلى أعضاء آخرين في البرلمان الأوروبي، يقول سامبريرو.
وعندما بدأت مناقشة التعديلات التي قدمها حزب اليسار على المشروع، حدثت المفاجأة، لقد تمت الموافقة على القرار رقم 24، الذي يدعو إلى “وقف فوري لإطلاق النار في غزة”، بأغلبية ضئيلة، بأغلبية 265 صوت مؤيد، كثير منها اشتراكي، و263 صوت معارض. وحتى ذلك اليوم، كان البرلمان الأوروبي يراهن فقط على “الهدنات الإنسانية” التي ستعني عند انتهاءها استئناف الحرب.
وعندما حان الوقت للتصويت على التعديل رقم 25، وطلب الاشتراكيون بقيادة النائب، سانشيز أمور، التصويت على التعديل على جزأين، الأول تمت فيه إزالة عبارة “مثل فلسطين والصحراء الغربية”، وكان الهدف إبعاد القضية الصحراوية عن زخم التضامن الدولي مع الفلسطينيين ضد الإجرام الصهيوني، وكان لهم ما أرادوا بعد التصويت.
وتعليقا على ما حدث، كتب سامبريرو: “بعد مرور 14 شهرًا على اندلاع ما يسمى “موروكو غايت” ، وهي مؤامرة فساد في البرلمان الأوروبي للدفاع عن المصالح المغربية، تواصل دبلوماسية المملكة العلوية ممارسة نفس التأثير الذي كانت عليه قبل الفضيحة. وهذه ليست المرة الأولى التي يناضل فيها الاشتراكيون الإسبان من أجل الحصول على المال لمساعدة المغرب. وعندما كانت الحكومتان في أزمة كاملة، في أكتوبر 2021، طلبت قيادة المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي، التي يترأسها الإسباني إيراتكس غارسيا، من نوابها عبر البريد الإلكتروني دعم مرشح فوكس، الرئيسة البوليفية السابقة جانين آنيز. لجائزة ساخاروف لحقوق الإنسان. وكان الهدف هو منع الناشطة الصحراوية سلطانة خيا من الوصول إلى المرحلة النهائية للجائزة، وهو ما حققوه”.
وفي تلك المناسبة، لم تكن هناك رسائل بريد إلكتروني مغربية للضغط على أعضاء البرلمان الأوروبي من الحزب الاشتراكي العمالي، لكن كانت هناك مكالمات هاتفية من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إلى نظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، بحسب مصادر دبلوماسية، يقول سامبريرو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى