عربيّة

لغوي فرنسي يهاجم استعمال لغة القرآن في الجزائر

نشر اللغوي الفرنسي المولود في مدينة غليزان الجزائرية، آلان بن طليلة، في مجلة “لوبوان” هاجم فيه الجزائر لاستبدالها اللغة الفرنسية بالعربية الفصحى في التدريس.

واستهل الكاتب مقاله الذي عنونه “لماذا أخطأت الجزائر باستبدال الفرنسية بلغة القرآن؟” بالجدل الدائر حاليا في فرنسا حول قرار السلطات الجزائرية بتفعيل المقطع الثالث من النشيد الرسمي، حيث قال “يدعو النشيد الوطني الجزائري إلى المطالبة بمساءلة فرنسا. يبدو لي أنّه من المناسب إجراء تحليل صارم لأحد الأسباب الرئيسية لسوء الفهم والجدل: سياسة اللغة قبل الاستعمار وبعده؛ بإحالة الجميع إلى مسؤولياتهم”، حسب الترجمة التي نشرها موقع “الجزائر الآن”.

وأضاف بالقول: “بداية، أريد التأكيد حتى أبعد أي شك بشأن الاستعمار الجديد، أنني لو كنت وزيرا للتربية والتعليم في الجزائر في فجر استقلالها، لكنت قررت دون أدنى تردد أن تصبح اللغة العربية لغة التعليم والإدارة في البلاد، كانتقام عادل من التاريخ الاستعماري، ورغبة عادلة في تكييف مدرسة مع لغة وثقافة طلابها ومواطنيها.. لكنني كنت سأختار الدارجة الجزائرية كلغة لتعليم لغة الشعب، وليس اللغة العربية الفصحى، أي لغة القرآن!”.

وأضاف اللغوي الفرنسي مدافعا عن موقفه الغريب، بأن اختيار “حكام الجزائر الجدد” بعد استقلالها كان اللغة العربية الفصحى “للأسف”، “لغة القرآن التي أرادوا أن تكون لغة جميع المسلمين”، مشيرا إلى أن “المظهر الديني والعروبة وقّع على إفلاس المدرسة الجزائرية، مع نتيجتين كارثيتين، الأولى كانت دفع الطلاب الذين يتحدثون اللهجة العربية فقط أو البربرية إلى مدرسة استقبلتهم باللغة العربية الكلاسيكية (الفصحى) التي لم يكن أي منهم يفهمها” حسب اعتقاده، “أما النتيجة الثانية فكانت أكثر خطورة”، بحسب ما يزعم اللغوي الفرنسي، حيث اعتبر أن “اختيار لغة القرآن” يجعل الفرد “يختار تصورا للقراءة وتعلمها” ما يحرم القارئ من حقه الأساسي في الفهم والتفسير، و”باختصار حقه في القراءة”، مثلما يرى.

وبدا آلان بن طليلة في تحليله غير مدرك للواقع الجزائري في تلك الفترة، حيث قال “أنه من خلال جعل اللغة العربية الحرفية لغة المدارس الحكومية الجزائرية، تم ثني التلاميذ عن تكوين فكرتهم الخاصة عن النص”، موضحا أن المدرسة الجزائرية بفرضها لغة غير معروفة لأبنائها، وجهت تعلم القراءة نحو التلاوة ومنعتهم بالتالي من التساؤل وخلق معنى النصوص، حيث “تحول الاحترام العادل الناجم عن النص إلى خنوع مخيف، بحيث أصبح الفهم في حد ذاته جريمة، وهكذا تم استبعاد التفسير من المدرسة الجزائرية ومعه النقد الهادئ والموضوعي للنصوص والخطابات سواء كانت علمانية أو مقدسة”، بحسبه.

ويعتقد الكاتب أن أطفال الجزائر لم يكتشفوا اللغة العربية إلّا في المدارس، مضيفا أنه من خلال فرض اللغة العربية الفصحى، “لم يتم تقديم لغة وطنية للشعب الجزائري كهدية للاستقلال، بل كانت نيرا جديدا فرض عليه” بعد أن “استبدلت لغة المستعمر بلغة الدين”، مع “العواقب الكارثية نفسها على التكوين الفكري للشاب الجزائري”، مثلما يرى نفس المصدر.

وأردف اللغوي قائلا: “باختصار، أكملت اللغة العربية الفصحى “العمل القذر” الذي بدأته الفرنسية، فقد استثنت الفرنسية لعقود جزءا كبيرا من المواطنين من مسارات النجاح الأكاديمي.. وأدانت اللغة العربية الفصحى فكرة المدرسة المحررة”.

واعتبر نفس المصدر أن وصول الطفل إلى المدرسة في سن الخامسة أو السادسة، والترحيب بها بلغة لم تعلمها والدته، “يعتبر عنفا لا يطاق بالنسبة للطفل”، حيث مضى قائلا “إن البطاقة الفائزة للمدرسة الجزائرية اليوم هي التي تجمع، في تكامل يمحو دموع التاريخ، الدّارجة الجزائرية والفرنسية”، مشيرا إلى أن ما سماه “العربية الجزائرية” (الدارجة) تزداد استقرارا، وهي أكثر تنظيما وتستحق فرصة احتلال مناطق إدارية وتعليمية وسياسية وإعلامية بشكل كامل وفعال.

وذكر الكاتب أن الفرنسية يمكن أن تصبح بالنسبة لجميع الجزائريين لغة الانفتاح على الفضاء الأوروبي، بينما تتوقف عن أن تكون أداة الاختيار الاجتماعي من حقبة أخرى.

واختتم اللغوي مقاله بالقول إن الأمازيغية يجب أن تؤخذ في الاعتبار لجميع هؤلاء الأطفال الذين يصلون إلى المدرسة بهذه اللغة الوحيدة للتحدث والفهم، زاعما أن مثل هذا الاختيار سيفرض مراجعة معمقة لأنماط التعاون الثقافي والتعليمي بين فرنسا والجزائر.

ورأى الكاتب أن الجزائر شريك يجب أن تتم معه إصلاحات عميقة لتعلم واستخدام القراءة والكتابة من أجل تكوين قراء مقاومين يعرفون كيفية ممارسة حقوقهم والاضطلاع بواجباتهم، مبينا أن ذلك يمر من خلال تمييز واضح بين “لغة التعلم ولغة القرآن، وبين لغة الفكر الحر ولغة الخضوع، وبين تربية الفهم ولغة فك الشفرة”، مثلما يقول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى