دوليّة

«شانغهاي» للتعاون في مواجهة التحديات واغتنام الفرص

في مواجهة التحديات الملحة المتعددة والشكوك المتزايدة في جميع أنحاء العالم، تتحمل منظمة شانغهاي للتعاون التي مضى على إنشائها 20 عاماً، وهي أكبر مؤسسة إقليمية في العالم وأكثرها اكتظاظاً بالسكان، المسؤولية والقدرة على القيام بدور بناء أكثر في تعزيز الأمن الإقليمي والسعي لتحقيق التنمية المشتركة.

وفي وقت يعقد قادة الدول الأعضاء في المنظمة – الصين وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان والهند وباكستان- اجتماعاً عبر رابط فيديو أمس (الجمعة)، فإن كل الأنظار اتجهت إليهم لمعرفة كيف سيغتنمون الفرصة الجيدة لتنسيق جهودهم وتجميعها بشكل أفضل للتغلب على الأوقات العصيبة ورسم مخطط لمستقبل مشترك.

واسترشاداً بروح شانغهاي، وهو مبدأ أساسي للكتلة، تبدي دول منظمة شانغهاي للتعاون الاحترام والدعم لبعضها البعض، مما شكل نوعاً جديداً من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين.

بعد عقدين من النمو، لم تصبح المنظمة، التي تضم الآن ثمانية أعضاء كاملي العضوية وأربع دول مراقبة وستة شركاء حوار، فقط ركيزة قوية للسلام والأمن الإقليميين، بل باتت أيضاً منصة رئيسية لتعزيز التعاون والتبادلات في المنطقة الأوراسية الشاسعة.

ويعمل أعضاؤها على توحيد قواهم لمحاربة «قوى الشر الثلاث» المتمثلة في الإرهاب والانفصالية والتطرف، وتعزيز التجارة والنمو الاقتصادي، والنهوض بالعلاقات الشعبية.

وفي عام 2020، بلغ الحجم الاقتصادي المشترك لدول المنظمة 18.4 تريليون دولار أميركي، بزيادة قدرها 11 ضعفاً منذ تأسيسها، في حين قفزت التجارة البينية داخل المنظمة ثماني مرات لتصل إلى 6.2 تريليون دولار خلال الفترة نفسها.

كما حافظت التبادلات الشعبية على قوة دفع قوية. بالعودة إلى عام 2019، قبل وباء كوفيد-19، تجاوز عدد الزيارات بين الصين وأعضاء آخرين في المنظمة 7 ملايين، أي 3.5 أضعاف ما كان عليه في عام 2001.

عندما تفشى المرض المعدي في أجزاء كثيرة من العالم، أظهر أعضاء المنظمة روح التضامن. لقد ساعدوا بعضهم البعض في السيطرة على انتشار فيروس كورونا الجديد وحماية الصحة العامة، واتخذوا موقفاً واضحاً ضد التلاعب السياسي بالوباء.

ويشكل حدث الذكرى السنوية الـ20 نقطة انطلاق جديدة. وتتطلع المنظمة، التي تغطي ثلاثة أخماس القارة الأوراسية، وتضم قرابة نصف سكان العالم، وتمثل أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلى العمل عن كثب وجدية أكثر لتعزيز «ركائزها الثلاث»، أو مجالات التعاون الرئيسية الثلاث، وهي الأمن والاقتصاد والتبادلات الشعبية.

ويحتاج أعضاء المنظمة إلى الحفاظ على التنسيق الوثيق وإقامة شراكة أقوى لحماية السلام والاستقرار في المنطقة، وهو ما يعد أيضاً الهدف الأساسي للمنظمة.

وبالنسبة لقضية أفغانستان، تحتاج المنظمة إلى بناء توافق والعمل مع جماعات أخرى مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي لمنع عودة الإرهاب وتعزيز المصالحة، والمساعدة في إعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب، والتأكد من عدم سقوط البلاد في الفوضى مرة أخرى.

ومن المهام الملحة الأخرى بالنسبة للمنظمة هي تكثيف التعاون في حوكمة الصحة العامة. ويتعين على أعضائها التعجيل بتوزيع اللقاحات وزيادة إمكانية الحصول على اللقاحات وتعزيز التنسيق لتسهيل تنقل الأشخاص والسلع عبر الحدود بطريقة منظمة وآمنة.

وتستدعي اللحظة الصعبة المزيد من الدعم والجهود للحفاظ على العمل السلس للسلاسل الصناعية العالمية وبناء اقتصاد عالمي أكثر انفتاحاً وإنصافاً وشمولاً.

ولتنشيط الاقتصاد الذي تضرر بشدة في خضم وباء ما زال مستعراً، يجب على أعضاء منظمة شانغهاي للتعاون الالتزام بحزم بالتعددية والانفتاح، وتسهيل التجارة والاستثمار، وتعزيز الترابط والتكامل في المنطقة.

وأتاحت مبادرة الحزام والطريق فرصة فريدة لدول المنظمة لمواءمة خططها الإنمائية، والاستفادة بشكل أكبر من إمكاناتها الهائلة وتكثيف التعاون العملي.

أخيراً وليس آخراً، من الضروري زيادة التبادلات الشعبية وتعزيز التفاهم المتبادل داخل المنظمة، حيث أن ازدهار التبادلات الشعبية قد أدى إلى تعزيز الدعم العام لنمو المنظمة، وسيواصل لعب دور رئيسي في تعاونها الشامل.

قبل عشرين عاماً، في مدينة شانغهاي الصينية، أعلن الأعضاء المؤسسون الستة عن إنشاء منظمة شانغهاي للتعاون، مما بشر بحقبة جديدة تسعى فيها بلدان المنطقة معاً إلى تحقيق الأمن والتنمية والازدهار.

اليوم، وبينما يمر العالم بحقبة من التغييرات العميقة، فإنه يليق بثقلها ودورها أن تنهض منظمة شانغهاي للتعاون إلى مستوى الحدث، وتشكل مجتمعاً أوثق له مستقبل مشترك، وتقدم المزيد من المساهمات للمنطقة والعالم بأسره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى